تعريف النظام السياسي وخصائصه ووظائفه وأهدافه وبيئته.

 ماهية النظام السياسي .


اولاً : تعريف النظام السياسي :

يعد النظام السياسي - من وجهة نظر فقهاء القانون الدستوري- على انه نظام حكم (Regime) ، اي الكيفية والآليات التي تدار بها المؤسسات (السلطات) السياسية والدستورية وتلك المؤسسات هي كل من الؤسسة التشريعية والتنفيذية والقضائية ، وتلك هي مؤسسات الدولة ، غير ان النظام السياسي (Political System ) يُعد اوسع واشمل من نظام الحكم ومن الدولة ، ذلك لإن هناك كثير من النشاطات السياسية تُمارَس خارج تلك المؤسسات الرسمية ،ومن ذلك مثلًا نشاط الاحزاب السياسية وجماعات المصالح ،هذا فضلًا عن الثقافة السائدة والعلاقات الاجتماعية والنظام الاقتصادي القائم، وكل المكونات والعناصر تسهم في تكوين وتحديد ماهية النظام السياسي القائم في هذا البلد او ذاك . (1)

لذا هناك من يعرف النظام السياسي على انه :(مجموعة  التفاعلات السياسية والعلاقات المتداخلة والمتشابكة المتعلقة بالظاهرة السياسية ) .

يعرفه (ديفيد إيستون) انه ( مجموعة من التفاعلات والأدوار التي تتعلق بالتوزيع السلطوي للقيم ). 

ويعرفه (روبرت دال ) على انه ( نمط مستمر للعلاقات الانسانية ،ويشتمل على قدر هام من القوة والسلطة والسيطرة ) . 

ومن جانبنا يمكن ان نقدم تعريفًا جامعًا شاملًا للنظام السياسي وهو :( إطار شامل تتفاعل فيه مجموعة من العناصر والمكونات ،وتتولى فيها مؤسسات ألدولة التشريعية والتنفيذية والقضائية-كونها اهم تلك العناصر- مهمة إدارة شؤون المجتمع بغية تحقيق سعادته و رفاهيته ) . 


ثانيًا: خصائص النظام السياسي:

في الوقت الذي يعد النظام السياسي أحد النظم السائدة في المجتمع ، ومنها النظام الاجتماعي الذي يعد الاصل لتلك النظم ،وكذلك النظام الجغرافي-البيئة المحيطة- والنظام الثقافي والنظام الاقتصادي ، وفي الوقت الذي تعد تلك النظم بدورها بمثابة عناصر ومكونات للنظام السياسي وتتفاعل في اطاره كمنظومة متكاملة ،لكن الأخير يتميز بسمات وخصائص عده أهمها: (2)

1- العلوية : و ذلك لإنه يمتلك السلطة العليا وبذلك تتصف التشريعات الصادرة عن مؤسساته المعنية بصفة الإلزام.

2- أستقلال ذاتي نسبي : اذ تحكم العلاقات وعمليات التفاعل الواقعة ضمنه قواعد قانونية وسياسة خاصة شبه مستقرة ، ودائمة الى حد ما .

3- الفاعلية : اذ يعد النظام السياسي أكثر تأثيرا من سائر النظم الأخرى الموجودة في المجتمع ، وذلك بفعل امتلاكه للسلطة السياسية ، ومن ثم له القدرة على تنظيم طاقات المجتمع.

4- التفاعل : اذ يتفاعل النظام السياسي مع سائر النظم الأخرى السائدة في المجتمع ، اي انه في الوقت الذي يؤثر بالنظم الأخرى فهو يتأثر بها .

5- الشمولية: يعد النظام السياسي هو الإطار الأوسع الذي تتفاعل ضمنه عناصر ومكونات عديدة تقف في مقدمتها ألدولة والأحزاب السياسية وجماعات المصالح فضلًا عن النظم الاجتماعية والاقتصادية والثقافية والجغرافية ، ما يعني ان النظام السياسي هو المنظومة الأشمل والأكبر كما تشكل عناصره ومكوناته نظم فرعية له.


ثالثاً: وظائف النظم السياسية المعاصرة وأهدافها :


يمكن تحديد اهم وظائف النظم السياسية المعاصرة بما يأتي : (3)

1- تحديد اهداف المجتمع ومتطلباته , ويتحقق ذلك عبر ما يعرف ب(التخطيط) . 

2- تعبئة المجتمع المادية وغير المادية وتوظيفها , وفي مقدمتها الطاقات البشرية والثروات .

3- تحقيق الانسجام والتعايش بين ابناء المجتمع الواحد على اختلاف انتماءاتهم وتوجهاتهم ومعتقداتهم (الوحد الوطنية) .

4- الدستورية :وتتحقق من خلال تطبيق القواعد الدستورية والقانونية على الواقع السياسي , ويضفي ذلك الى اضفاء الشرعية على السياسية , 

5- توفير الحماية والامن للمجتمع , ما يعني العمل على ارساء دعائم السلام من خلال ازاحة المخاطر الداخلية والخارجية . 

6- العمل  على تحقيق التنمية والتطور في مناحي الحياة المختلفة . 

7- العمل من اجل الحصول على الرفعة والعزة والعظمة للمجتمع والدولة .

وكل هذه الوظائف تعد بمثابة وسائل لتجقيق الهدف الاسمى والاهم و هذا الهدف يعد هدفا استراتيجياُ من المفترض ان يسعى لبلوغه كل نظام سياسي الا وهو تحقيق سعادة ورفاهية المجتمع , و ذلك بدءاً بالحفاظ على وجوده وامنه  واستقراره  مروراً برغايته وتنظيم شؤونه بكل الوسائل والامكانات المتاحة وصولاً الى سعي النظام  السياسي لتوفير كل متطالبات المجتمع وتحقيق كل طموحاته . 

ولكن الاشكالية في تحقيق هذا الهدف لاتكمن في مدى قدرة وجدية القائمين على السلطة على توظيف طاقات المجتمع المادية والبشرية المتاحة فحسب , بل يعتمد هذا الامر - بذات الوقت - على حجم الامكانيات المتاحة والقدرة على مواجهة التحديات والازمات التي تواجهها كل النظم السياسية لا سيما في بداية نشاتها . 


رابعاً : بيئة النظام السياسي :

مما لا شك فيه ان النظام السياسي يعمل في ظل بيئة او محيط وخلال ذلك يتاثر ويؤثر في معطيات تلك البيئة , ومن فبيل تلك المعطيات : الواقع الجغرافي والسياسي والاجتماعي والاقتصادي , وهذا ما سنحاول التعرف عليه بايجاز .(4)

1- الواقع الجغرافي : يتاثر اداء النظام السياسي وفعاليته بالاوضاع الجغرافية بدءاً بالمناخ مروراً بالموارد الطبيعية وانتهاءً بالتضاريس فالشعوب التي تعيش في ظل اجواء حارة اقل نشاطاً وحيوية من الشعوب التي تعيش في اجواء معتدلة او باردة , كما ان هذا الامر يؤثر في سلوك الافراد ومزاجهم بل وحتى توجهاتهم , ما ينعكس سلباً , او ايجاباً على الاستقرار السياسي وينعكس بالنتيجة على اداء النظام السياسي في انجاز المهام والمتطلبات لابناء المجتمع والعكس صحيح , كما ان طبيعة التضاريس من سهول واراضي منبسطة صالحة للزراعة ومياه وفيرة تعزز امكانيات وقدرات الدولة , ولكن مع كل ذلك تبقى الامكانات التي يوفرها الواقع الجغرافي رهن القدرة على توظيفها من قبل القابضين على السلطة . 

2- الواقع السياسي : يعمل النظام السياسي في ظل واقع السياسي يؤثر فيه ويتاثر به , ومن المتغيرات هذا الواقع القوى السياسية الفاعلة في الساحة السياسية من احزاب وجماعات مصالح , كما يتفاعل النظام السياسي مع الرموز السياسية السائدة من شخصيات تاريخية واحداث وشعارات واساطير تثير احاسيس المواطنين وتعزز انتماءهم الوطمي وهذا فضلاً على تفاعله مع القيم والافكار والثقافة السياسية السائدة والثقافات الفرعية , ولا شك ان النظام السياسي يتاثر بمحيطه السياسي الخارجي -اقليمياً و دولياً- ويحاول بالقدر المستطاع التفاعل مع هذا المحيط لضمان مصالح الدولة والمجتمع .

3- الواقع الاجتماعي والاقتصادي : مما لا شك فيه ان النظام السياسي هو جزء من النظام الاجتماعي , فالبنى والتفاعلات السياسية هي جزء من البنى والتفاعلات الاجتماعية , والمهم ان وجود القائمين على ادارة النظام السياسي هو من اجل خدمة ابناء المجتمع وتحقيق سعادتهم ورفاهيتهم , ولكن هذا الهدف الاستراتيجي لا يمكن تحقيقه من دون توفر امكانيات مادية وبشرية يمكن توظيفها واستثمارها وبلا ادنى شك يتوقف ذلك على الوضع الاقتصادي للبلد المعني . 





المراجع :

1-  د.كمال المنوفي : اصول النظم السياسية المقارنة , الكويت , شركة الربيعان للنشر والتوزيع , ط1 , 1987 ص39 .

2- د. حسان شفيق العاني : الانظمة السياسية والدستورية المقارنة , القاهرة , العاتك لصناعة الكتاب , 2007 , ص11_12.

3- د. صالح جواد الكاظم و د. علي غالب :الانظمة السياسية , مطابع جامعة بغداد , 1991 , ص6 .

4-  د. حسان شفيق العاني : الانظمة السياسية والدستورية المقارنة , ....... مصدر سابق ص14 . 






تعليقات

المشاركات الشائعة